عند تجوالي في أحد المنتديات المهتمة بالقرآن الكريم والإعجاز بشتى أنواعه وقع عيني على موضوع لأول مرة أقرأه.
الموضوع يتحدث عن الفؤاد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة،ويؤكّــد أن الفؤاد غير القلب بأدلة قاطعة من آيات بينات وبنصوص السنةالشريفة واللغة العربية والأدلة العلمية.
وجزى الله الكاتبة هناك على بحثهــا أن الفؤاد موجود في المخ والقلب موجود في الصدر.
أترك لعقلكم النيّـر إن شاء الله أن يقرأ هذا الموضوع متجولا بين الآيات والنصوص الشريفة بصفاء الذهن والتمعّــن في القراءة.
لا يخفى على احد منا ،،أن الباحث في القرآن الكريم يجد الكثير من أوجهالاعجاز العلمي ،،فقد توصل العلم الحديث لكثير من الحقائق المتعلقةبالعلاقة بين العين والفؤاد والسمع ,,,وذلك رغم أن هذه العلاقة ذكرتتفصيليا في القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا،ومن المعلوم كذلك أن أولخريطة تم رسمها للمخ البشري كانت بعد نزول القرآن الكريم بأكثر من 1200عام ، وقبل ذلك كانت مراكز المخ مجهولة بالنسبة للانسان ، لدرجة انالعلماء كانوا يعتقدون أن مركز البصر موجود في العين ، ومركز السمع يوجدفي الأذن ،، ولكن العلم الحديث فصل بين عضو البصر ومركز البصر ...ومركزالسمع وعضو السمع أي أنه فصل بين عضو الحس ومركزه ، كما كشف لنا العلمايضا عن وجود منطقة بين مركزي السمع والبصر في المخ تسمى منطقة البيان ،،وتدميرها يؤدي الى أن يصبح الانسان أبكم ..ومن الاعجاز كذلك أن رسم القرآنالكريم قبل أربعة عشر قرنا صورة مفصلة للمخ.....
ففي الآيات القرآنيةالتي تتحدث عن العين والأذن ، دائما تتقدم العين ( فيكل آيات القرآن) الأذن اشارة الى موقعها في رأس الانسان ،وهناك آيات أخرىتتحدث عن الابصار والسمع في تعبيرات تشير الى الادراك والتدبر ،ودائمايتقدم السمع على الابصار..وقد اكتشف العلم الحديث أن مراكز السمع تتقدمعلى مراكز الابصار.....والشيء الملاحظ كذلك ان كلمة الفؤاد تذكر دائما بعدالسمع والبصر وهذا يعني وجود علاقة عضوية بين السمع والبصر والفؤاد ..
لعل تساؤل يطرح نفسه !!هل الفؤاد هو القلب؟ فإذا كان ذلك صحيحا فإن محلالفؤاد هو الصدر..ولكن قال الله عزوجل : ( لا تعمى الأبصار ولكن تعمىالقلوب التي في الصدور) ,,اذا الفؤاد ليس في الصدر!! لذا يجب الفصل بينهما...والتمييز كذلك.....
بالفعل هناك ظواهر في القرآن والسنة تؤكد اختلاف القلب عن الفؤاد وأبرزهاذكر الفؤاد دائما بعد السمع والبصر في آيات القرآن الكريم كله ..
.بينما ياتي ذكر القلب قبل السمع والبصر كما في قوله تعالى ( ختم الله علىقلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم ) ..وقد يأتي بين السمع والبصر كما فيقوله تعالى ( وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ) ، وقد يأتي بعدالسمع والبصر ( قل أرأيتم ان اخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم )......
بل وهناك ظاهرة أخرى تبين اختلاف القلب عن الفؤاد ..في سورة القصص حيث قالالله عزوجل : ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ان كادت لتبدي به لولا أن ربطناعلى قلبها لتكون من المؤمنين)...فبعد أن ألقت ام موسى بابنها الرضيع فياليم اصيبت بصدمة ،فقدت على أثرها ذاكرتها ..واصبح فؤادها فارغا من الوعدالذي أخذته قبل أن تلقيه في اليم ، فالفؤاد هنا معطل ...بينما كان القلبصاحب اليد العليا في هذه القضية ....
أما في السنة الشريفة فقد قال الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) : ((أهل اليمن ارق قلوبا وألين افئدة )) ، وهنا نسب رسولنا الكريم الرقة الىالقلب ،، واللين الى الفؤاد ..
بل حتى في اللغة العربية نجد أن قلب الشيء معناه (( لبه )) ، أما الفؤاد فيأتي من التفؤد ..وهذا كله يؤكد اختلاف القلب عن الفؤاد ...
ويشير السمع والبصر الى مناطق عقلية عليا في قشرة المخ ، وتتعامل هذهالمناطق مع المسموعات والبصريات بكفاءة عالية ،،و البعض من ضعاف النفوسيقارنون بين هذه المناطق وبين اجهزة الذكاء الصناعي التي قد تفوق المخالبشري فيما تختزنه من مسموعات ومبصرات ،،ولكن الرد على هؤلاء يكون بأنهذه الأجهزة الصناعية ماهي الا أرشيف كبير مبرمج وفقا لتخطيط المخ البشري، بل يكفي المخ البشري أنه من صنع الله عزوجل ,,والباقي من صنع عبد لاحولله ولا قوة ...فالانسان يسمع وينفعل بما يسمع ..ويتفأد بما يسمع ..وهذاغير موجود في أرقى أجهزة الذكاء الصناعي...وقد وجد العلماء في عمق المخمناطق تتعامل مع العواطف والغرائز والأحاسيس ،،ولذا لا بد لنا ان شاء اللهمن وقفة ثانية لنبحث الفؤاد في قلب المخ ...
الأبحاث العلمية الحديثة استطاعت أن تحدد مناطق الفؤاد في المخ ، فهناك مايسمى حصان البحر (( لأنه يشبه حصان البحر )) ، وهناك جزء يسمى اللوزة ،،وجزء آخر اسمه الزنار ،، وهناك المهاد ...وقد استطاع العلماء تحديد وظائفهذه الأجزاء.....
فالمهاد به مناطق الاحساس بالألم ....اما الزنار فيوجد به مناطق الاحساسبألم الحريق...ولحصان البحر واللوزة علاقة بالذاكرة وتدميرها يفقد الانسانالقدرة على تكوين ذكريات جديدة ولكن تظل الذكريات القديمة مخزونة ، فمثلااذا رزق انسان مصاب بمرض ما في هذه المناطق، بطفل لا يمكنه ان يتذكره الالحظيا ثم ينسى بعد ذلك كل شيء حوله ....ويوجد باللوزة ايضا جزء خاصبالعاطفة ...أما منطقة تحت المهاد فبها مناطق الغرائز ( الجوع والعطش ووو)
هذه الاجزاء كلها تمثل الفؤاد الذي أثبت القرآن أولا ثم العلم ثانيا وجوده في مخ الانسان ،لبيقى القلب أميرالجوارح في صدر الانسان
بذلك يصبح السمع والبصر والفؤاد من ادوات القلب ، مع الوضع في الاعتبار أنالفؤاد مكون من عدة اجزاء ومناطق وليس منطقة واحدة فقط ..ويرتبط قلب المخبمايسترو الجسم وهو الغدة النخامية ، وبالتالي تتولد الأحاسيس المختلفة فيالمناطق المختلفة للفؤاد قبل أن تذهب الى القشرة المخية لتتميز ، ولكنالاحساس بالألم يبدأ في منطقة المهاد ،ويتميز بأنواعه المختلفة في القشرة، فلو أزلنا القشرة يبقى الاحساس بالألم نتيجة وجود منطقة المهاد ...
القرآن أشار الى المناطق المختلفة للفؤاد :
فقد قال الله عزوجل (( فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم )) فهذه الآيةتشير الى منطقة العواطف في الفؤاد ،،فلا يمكن ان يقوم الناس بزيارة هذاالوادي الخالي من الزرع والماء الا أنه يمثل لهم عاطفة ما ،،،
وقال تعالى ((وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحي بعضهم الىبعض زخرف القول غرورا )) الى أن قال تعالى (( ولتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالأخرة )) ..فقد فسروا العلماء زخرف القول بالكلام الفاسد الذييثير الغرائز المختلفة ،أي أن الآية تربط الغرائز بالفؤاد...
أما في قوله تعالى ( وأصبح فؤاد ام موسى فارغا ) الآية تشير الى الذاكرة ..
وفي قوله ( مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد اليهم طرفهم وافئدتهم هواء ) فسرالعلماء كلمة هواء بانها تعني خلو أفئدتهم من العقل ، من شدة الخوف والرعبفقدوا اكرتهم كما في حالة أم موسى ...
وكذلك قوله تعالى ( نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ) قالالمفسرون ان نار الله تصل الى الأفئدة لأنها أرق ما في الجسد حيث انهامكان الاحساس بالألم ، وهذه اشارة واضحة الى ان مكان الاحساس بالألم هوالفؤاد ...
مما سبق يتضح أن القرآن أشار الى مناطق الفؤاد المختلفة ووظائفها في المخالبشري ..ومن الملاحظات كذلك ان السمع في القرآن يأتي على الافراد ..أماالبصر والفؤاد فيأتيان على الجمع دائما ، مما يؤكد أن الفؤاد مكون من عدةمناطق وليس منطقة واحدة..كما أن الفؤاد يمثل قلب المخ ولذلك كان ياتي ذكرهفي القرآن بعد ذكر السمع والبصر دائما ..
بل ان منطقة الزنار لا تتأثر الا بألم الحريق ..في حين ان البعض اشار الىان الجلد هو مركز الاحساس بالالم واستشهدوا بقوله ( كلما نضجت جلودهمبدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ) وهذا طبعا خطأ كبير لان الآية تشيرالى ان الجلد هو مركز الاحساس بالألم ، فالجلد مجرد اداة لنقل الألم حيثتدرك الألم في الفؤاد والدليل على أن الله تعالى قال ( بدلناهم جلوداغيرها ) ولم يقل جلودا مثلها ..لان الجلد مجرد أداة فقط اما مركز الاحساسبالألم فمكانه الفؤاد ..