قد يكون غباء الآخرين مادة مناسبة لتحقيق الأرباح، بل والحصول على ثرواتطائلة، هذا ما تؤكده قصة طالبي معهد إم آي تي بولاية ماساشوشيتس والذييعتبر أحد أقوى المعاهد الأمريكية المنخصصة في التقنية وأشهرها علىالإطلاق حيث يتم انتقاء طلاب هذا المعهد بعد اجتياز عدة اختبارات تؤكدنبوغهم في عدة مجالات علمية وأهمها الرياضيات، ويسميه البعض معهد العباقرةلما عرف عن طلابه من النبوغ.
وقد استطاع اثنان منهم منذ سنوات اكتشاف أن لعبة من أشهر ألعاب الورقالمستخدمة في المقامرة وهي لعبة "البلاك جاك"blackjack"" لا تعتمد علىالصدف ولا الحظ بقدر ما تعتمد على غباء لاعبيها!! حيث يمكن ببساطة الفوزفيها على وجه اليقين من خلال تطبيق نظرية الاحتمالات، وبدأ الطالبان فيتنظيم رحلات أسبوعية إلى عاصمة القمار الأمريكية لاس فيجاس يطبقان فيباراتها نظريتهما التي ما لبثت أن أثبتت نجاحا ساحقا، حيث حصدوا في مرةواحدة فقط ما يزيد على الـ 400 ألف دولار عن طريق توقع البطاقات التيستحقق الفوز لصالحهم وذلك من خلال حساب البطاقات التي تم توزيعهاوالبطاقات المتبقية طوال فترة اللعب.
ولم يكن طالبي معهد ماساشوشيتس هم أول من استخدم أساليب الحفظ والعدلتحقيق الفوز في لعبة "البلاك جاك" ولكنهما تميزا عن غيرهما بفارق كبيروهو استخدام برامج الحاسب في تطوير مهاراتهما باستمرار، ووضع قواعد علميةلتحقيق المزيد من المكاسب في المرة القادمة وتقليل احتمالات الخسارة وذلكعن طريق إدخال كل المعلومات والأحداث التي قابلتهما في البرنامج.
ولم يطور الطالبان فقط قدراتهما في العد والحساب، ولكنهما لجآ أيضا إلىابتكار وسائل خداعية على مستوى السلوك، فقد ذاع صيتهما، وبدأ موظفو الأمنفي منعهما من دخول الكازينوهات، رغم أن طريقتهما في تحقيق الأرباح لم تكن–طبقا للقانون- تعتبر غشا، فبدأ الزميلان في التنكر تحت أسماء لشخصياتعالمية معروفة بالغة الثراء، ومنهم نيكولاي نوجوف وهو تاجر أسلحة روسيشهير، كما أنهما استخدما شخصا ثالثا ليلعب دور الأبله على طاولة اللعب،بينما بحفظ أرقام البطاقات عن ظهر قلب، وبعد قليل يدخل أفضل مقامر ليتبادلمع زميله الذي كان يتظاهر بالعته أرقام البطاقات بواسطة شفرة متفق عليها،ويتوقع بناء عليها الأرقام الفائزة في اللعبة القادمة، ليحقق الفوز الأكيدويفلس صراف الكازينو.
واستمر الحال على هذا المنوال أربع سنوات كاملة حقق فيها الطالبان أرباحاخيالية مستغلين غباء رواد نوادي القمار، حتى تم توزيع صورهم على حراس كافةالكازينوهات، وتم إدراج أسمائهم ضمن فهرس خاص بالأشخاص غير المرغوب فيهمتصدره شركات الأمن المتخصصة في حماية هذه الأماكن من المتطفلين والغشاشين،ولكن رغم كل القضايا والتحقيقات التي مثل أمامها الطالبان، لم يتمكن ممثلوالادعاء من إدانتهما، لأنه لا توجد مادة تتيح عقاب استغلال غباء الآخرينواستثماره لتحقيق الأرباح.
وبعد أن تم كشف هذه الوسيلة، انهالت على الطالبين العروض المغرية لتحقيقالأرباح ولكن بوسيلة أخرى، وهي كتابة الكتب عن تجربتهما المثيرة، وأخيراتم توقيع عقد لإنتاج أفلام يروي كيف استطاعت تلك الوسيلة التقنية البسيطةفي خداع الآلاف من محترفي لعبة البلاك جاك والمدمنين على ارتياد نواديالقمار، ومرة أخرى يشير النقاد إلى أنه من المنتظرأن تحقق الأفلام أرباحاخيالية !!
والمثير أن منتجي هذه الأفلام هم أنفسهم ملاك نوادي القمار، أي أنهم فكروافي الأمر، وتوصلوا إلى نتيجة أكثر إثارة وهي إن كان هناك من اكتشف أصوللعبة استثمار غباء الآخرين التي نلعبها نحن، ولم نستطع ردعه وإيقافه، فلامانع من أن نتشارك سوية في تحقيق المزيد من الأرباح، فعالم الأغبياء ثري،وموارده لا تنضب!!
والحقيقة التي تشير إليها آخر فصول القصة أنه ليس من المهم أن تقطن في لاسفيجاس حتى يتم تطبيق نظرية "استغلال الغباء في تحقيق الأرباح".... عليكببساطة أن تنظر حولك!!